Vincent Planel (avatar)

Vincent Planel

Anthropologue indépendant

Abonné·e de Mediapart

24 Billets

0 Édition

Billet de blog 25 mars 2015

Vincent Planel (avatar)

Vincent Planel

Anthropologue indépendant

Abonné·e de Mediapart

لن تشتعل حربٌ أهلية في اليمن

Vincent Planel (avatar)

Vincent Planel

Anthropologue indépendant

Abonné·e de Mediapart

Ce blog est personnel, la rédaction n’est pas à l’origine de ses contenus.

(traduction de l'article : Au Yémen, la guerre civile n'aura pas lieu)

ملاحظة (أغسطس 2022). هذا النص يشهد على لحظة تاريخية : الفجوة التي يصنعها أي إعلان حرب في ترتيب ما يمكن تصوره. يروي مرافقتي الذاتية لهذا التحول، كيف شعرت به قبل أن يكون حقيقيًا، قبل أن يعم خطاب الحرب فجأة جميع وسائل الإعلام اليمنية. هذا النص لا يعبر بأي حال من الأحوال عن مواقفي الحالية تجاه المملكة السعودية.

لا يزال المتمردون الحوثيون رابضين على أبواب تعز، حتى نهاية هذا الأسبوع، ولم يدخلوها على الرغم من سيطرتهم على العاصمة صنعاء والمناطق المحيطة بها منذ أيلول المنصرم. هذه الحركة المستوطِنة أصلاً في أقصى شمال البلاد، والمدعومة من إيران، التزمت حتى الآن بالحفاظ على سلامة هذه المدينة السُّنيَّة، العاصمة الثقافية لليمن، كدليلٍ على حسن النَّية. وهنا تجدر الإشارة مجدداً أنه كان ينبغي على المجتمع الدولي المراهنة على تعِز لتعزيز الاستقرار في البلاد، ولكن لا مجال للعودة إلى الوراء : فمنذ عام 2011 (انظر مقالاتي السابقة)، اكتفى المجتمع الدولي بتمرير المناورات المحبوكَة لدول الخليج، التي تلعب الآن على وتَر انفصال الجنوب اليمني. فبالنسبة للحوثيين المتحالفين الآن مع قوات الرئيس السابق علي صالح، أعطت الهجمات القاتلة التي وقعت يوم الجمعة في مسجدين في صنعاء (أكثر من 150 ضحية و300 جريح) إشارة البدء لبسْط نفوذهم، فتمركزت قواتُهم أمس في تعز، ولربما تستعدُّ للانطلاق في غضون الأيام المقبلة إلى عدن.

وفي غمرة حيرتي، اتصلت هاتفياً بمحمد، أحد أصدقائي وهو مواكبٌ عن كثبٍ لتطورات الحساسيات الدينية والسياسية للأطراف الدّاخِلة في هذا الصراع. وقد استفاض في وصف مسيرة انزلاق المكوِّنات المختلفة للمجتمع اليمني نحو الحرب الأهلية، كنتيجة حتمية للحِراكات الموجودة على أرض الواقع، والتي تزجُّ بها في هذا الأتون. ثم توقَّف محمدٌ برهَة واستأنف حديثه قائلاً، كما لو كان يفكِّر جَهاراً:

أما أنا فلا أرى سوى حلٍّ واحد ... ستقول إنني أهرِف، ولكن ... صدقني، أذا سعى الحوثيون لبسْط سلطانهم على الجنوب، فإن الحرب قادمةٌ لا محالة، ولكنَّ الأحرى بهم أن يتوجّهوا صوْب الشَّمال لا الجنوب، لشنِّ الحرب على المملكة العربية السعودية لا على أبناء بلادهم... وهذا هو الحلّ التوافقي الذي لن يختلِف حوله اثنان: الحركات الشيعيَّة أو الموالية لها، الصادقون من جماعة الإخوان المسلمين، والقاعدة وداعِش، فضلاً عن الإيرانيين والقطريين. بل إنّ الشعب السعودي سيهلل بفرحٍ غامر لزوال مملكة آل سعود! ليتنا نستطيع التأثير في قرار الحوثيين، وإقناع أوباما، ولو على الأقل بالدخول في مفاوضات سرية مع إيران، ومن يدري لعلَّ مثل هذه المفاوضات تدور الآن في دهاليز السَّاسة والعسكريين بينما نحن نتناقش هنا ... "

هذا هو حلُمنا الذي يشاطرنا إيَّاه الأغلبية السُّنية الصامِتة. فحتى هذه اللحظة اكتفينا بالتحديق من بعيد في التاريخ كما لو كنا في معزلٍ عنه. غير أن المُحَال لم يلبث أن تجسَّد حقيقة أمام أعيننا، فمن هذه الفُرجَة يكون الانفراج وتغيير الحال رأساً على عقِب. فقد استوعبنا أخيراً أن تصوراتنا العتيقة المستنِدة إلى دراسة حركَة الكيانات السياسية الكبرى قد عفا عليها الزمن ولا بد من هزَّة أرضية جديدة.

نحن نعي تماماً أن العراق وسوريا وليبيا استحالَت أشلاءً متناثِرة، لكن هيهات أن يستمرّ هذا المُسلسل التدميري إلى ما لا نهاية، فالحرب الأهلية لن تكون قطّ في اليمن، والسبب يكمُن في قدرة الإنسان الحكيم على التسامي والترفُّع عن الظروف الراهنة، ليتأمّل في حركة التاريخ وخطّ سيره، الذي يربط لنا بين مؤشرات لم يكن كنهُها يُدرَك من ذي قبل. وبطبيعة الحال، المثقَّفون دائماً متأخرون بخطوة واحدة عن ركْب التاريخ، لكن الشعوب التي تعيشُ مخاطرةً بحياتها على أرض هذه الأحداث لا تخُطئ أبداً.

لنْ تشتعل حربٌ أهلية في اليمن، لأنَّ الخصم المزعوم لا وجود له هناك. أمّا الرئيس السابق هادي، اللاجئ في عدن منذ بضعة أسابيع، فلا يشكِّل سوى مسرحية هزلية، وأما ائتلاف الخبراء الدوليين فيتشبّث برؤية لـ"واقعٍ" يعتقد أنه به خبير، وغرَّهم في ذلك تواطؤ المخبِرين اليمنيين المسترزِقين من جَفنة هؤلاء الخبراء. في الواقع، لقد أطلقت الولايات المتحدة إشارة الانسحاب من اليمن من خلال إجلائها لقاعدتها الأخيرة قُرابة عدن. وأما الأمم المتحدة فستستمر في الاحتجاج والعويل، ولكنها لن تجد أي دولة تقبل بالتدخل العسكري في اليمن، تنصلاً من هذه المسؤولية العظيمة. أما حزب الإصلاح فلا يمثِّل قوة فكرية حقيقية، وإنما مجرّد فصيل من الجيش اللاهث وراء قيادات مُندحِرة، كما أنّ الإخوان قد راهنوا كعادتهم على الفَرس الخاسِر، فقد "أعْمَت الانتهازية قلوبهم". ولم يبقَ إلا حَفنةٌُ من الخبراء الدوليين، الذين يعيدون على أسماعنا مراراً وتكراراً السيناريو الوحيد الباقي في جُعبتهم: إذ يتوهمون أنّ تعز، معقل مخبِريهم الأوفياء (الذين تخلوا عنهم بنذالة في عام 2011)، سيقاتلون حتى الموت أمام القُطعان القبلية، دفاعاً عن العقلانية الغربية ...كما يتصورون أن اليمنيين سوف يتقاتلون فيما بينهم بكل هدوء وعقلانية لعدة سنوات، بينما لا تفصلهم سوى مئات الكيلومترات عن جدّة ومكة المكرمة ...

ينسون أن هذا "الواقع" - المرتَع الخصب لعقلانية الخبراء - ليس إلا تركيبة اجتماعية، ومسرحية حبَكت السفارة الأمريكية فُصولها، فهي المراقبة بشكل فوري ودائم على جوازات المسافرين، وهي الآمرُ النَّاهي في العاصمة والتي إذا شاءت أمطرت اليمن بقنابل مسوَّمة على "الإرهابيين". فيا ليت شعري كيف لأمريكا أن تنأى بنفسها عن التأثير في هذا الواقع؟ فبين كافة المُمثِّلين في المسرح السياسي اليمني ثمَّة تواطؤ أكبرَ مما نتصور. صحيحٌ أنّ سوريا تتمزَّق أوصالها، لكن شتّان بين اليمن وسوريا، فاليمن قريبة من مربَط الفَرس، الذي لن يلبث الفاعلون الحقيقيون أن يفكوه من عِقاله.

فلنتخيل أن اليمن وقعت في براثن الحرب الأهلية كما يحلو للوسائل الإعلامية وللدبلوماسيين أن تُعيد وتكرِّر على مسامِعنا. فلماذا إذن سيتناحر المجتمع اليمني ويتجاهل جارته المتخمة بالثروات؟ فالسعودية بالتأكيد بلدٌ غني، كما أنها لديها طائرات حربية (قد استُخدمت في العِقد الماضي لقصف مواقع الحوثيين على المناطق الحدودية مع اليمن)، لكن المجتمع السعودي يَعجز عن القتال على الأرض، إذ يكفي أن تنطفئ الكهرباء لمدة 48 ساعة لتركيعه، حسبما تقول نكتة شائعة في اليمن. فمالعمل إذن للمحافظة على هذا الاستقرار السعودي؟ بناء جدار؟ طرْد العُمّال اليمنيين المقيمين في السعودية كما حصل في عام 1990؟ ولكن عام 1990 كان ذلك قبل ظهور بن لادن وتطور الحركات الجهادية التي جاءت من داخل المجتمع السعودي نفسه...

وسابقاً في عام 1990، عند نشوب حرب الخليج الأولى على العراق أيام حُكم صدام حسين، قامت المملكة السعودية بطرد 800 ألف عامل يمني، رداً على الموقف الذي تبناه اليمن، المُوحَّد لتوِّه، عند التصويت في الأمم المتحدة. 800 ألف عامل ممَّن كانوا يرسلون حوالاتهم المالية إلى أهاليهم، من مجموع السُّكان البالغ في تلك الفترة 12 مليون نسمة، أي حوالي 3 مليون مواطن في سنِّ العمَل، ولا تزال اليمن تتذكر بمرارةٍ كيف أضحت منذئذٍ من أفقر بلدان العالم. اليوم ورغم التشديدات في سياسة الهجرة، يوجد في المملكة زهاء مليون عامل، لكنهم لا يشكِّلون سوى جزء بسيط من اليد العامِلة المغتربِة هُناك : عشرة مليون مغترِب، أي ما يعادل ثُلث سكّان المملكة (وفقاً للإحصائيات السعودية)، وكلُّهم عرضة للطرد في أي لحظة. ومن ذا الذي يتوقع اليوم أن مجرَّد طرْد اليمنيين من المملكة سيكفي لنزع فتيل هذا المستودَع البشري المتفجِّر؟

الأمر لا يتعلق إذن بانجراف اليمن نحو الحرب الأهلية، على شاكلة القائمة الطويلة للدول العربية السُّنية، فخلافاً للوضع في سوريا، لقد وصل المجتمع اليمني إلى قَعْر المعاناة منذ ردحٍ طويل، ولكنه مع ذلك لم ينساق إلى العنف العام. وما نشهده حالياً في اليمن هو على الأرجح اللحظات الأخيرة المنذِرة بسقوط مملكة آل سعود، فهذه الحروب الأهلية ليست إلا توطئة للإطاحة بهذا النظام. فلا يُتَصوّر أنّ المسلمين مبرمجون سلفاً بطريقة وراثية أو وفق سنَّة كونية تقضي باحتِرابهم وتمزُّقِهم أشلاء حتى أبد الآبدين... كلاَّ، فسيجتمعون على قلبِ رجلٍ واحدٍ ما إن يصِلوا جميعهم زحفاً إلى مكة المكرمة ويتفاوضوا بشأن تسويق النفط في السوق العالمي.

فمن بين كل الأحداث السياسية المحتمل وقوعها قريباً، يُعدُّ سقوط المملكة أمراً حتمياً، لكنّ مجرد التفكير في هذا الأمر قد يثير الهلع عند البعض حتى إنّهم لا يتجرؤون على التفوّه بذلك، ناهيك عن السّاسة والدبلوماسيين الذين يُستبعد تماماً منهم أن تنطق أفواههم بمثل هذا، بل إن الحوثيين أنفسهم في قناتهم الفضائية يكتفون بالإشارة إلى إسقاط المملكة من طرفٍ خفي، لكن هذا لا يمنع أبداً أنهم يجلِبون بخيلِهم ورِجالهم لتحقيق هذا الغرض، كما هو الحال بالنسبة لكافة أطراف الصراع في اليمن، والسَّبب في ذلك يرجع إلى أن إزالة النظام السعودي يُعدُّ الحل الوحيد للخروج من كافة الأزمات التي تحيق بهم.

ومع ذلك، لا يستطيع الباحثون والخبراء تصديق إمكانية حدوث ذلك، ولطالما نسبوا مثل هذا الأُمنيات، في دَندَنتِهم داخل "مجتمعاتهم العلمية"، لغيرِهم ممن يصدرون عنها، أما هُم فلا يجرؤون حتى على التفكير في ذلك.

ومن جانِبنا نحن المراقبين والمفكرين والمواطنين المرتبطين بطريقة أو بأخرى بالمجتمعات الغربية وبالإسلام، ينبغي علينا مواكبة هذا الانفِراج والتهيئة لكي يتم الخلاص بالشَّكل الأسرع وبمشاركة جميع الأطراف.

فينسنت بلانال، 23 أذار 2015

تعز، 2004، الشُّقات، غالبيتهم من المغتربين سابقاً في المملكة، مجتمعون في جولة حوض الأشراف منذ الصباح الباكر

Ce blog est personnel, la rédaction n’est pas à l’origine de ses contenus.

L’auteur n’a pas autorisé les commentaires sur ce billet